top of page

 

                             

 

                     من المنتدى الأدبي إلى

                  أقلام الجزائرية...القصة البداية التي لم ترسم لها نهاية

                                                                                                        

         منذ تسعة وعشرين عاما مضت , وفي ميعة الشباب وفورة الحماس أصدرنا العدد الأول من مجلّة المنتدى الأدبي , وكان المشروع يومئذ مغامرة كبرى وجرأة ما بعدها جرأة , في فترة لم يكن ميسورا لأحد أن يقدم على مغامرة توازي في جرأتها إصدار مجلة أدبية  , لأنّ الظروف المادية وقلة الحيلة وقصر اليد كانت عوائق تقف في وجه مشروع ينطلق أصحابه في تنفيذه من إيمان راسخ وقناعة متينة بأن المشاريع الكبيرة تنطلق دوما من مغامرات محفوفة بمخاطر الخيبة  والفشل , وبالخصوص إذا كانت هذه المغامرةُ يرفعُ قواعدَها طلبةٌ ـ في القسم النهائي ـ  يفتقرون إلى الإمكاناتِ الماديّة والاستعدادات الكافية والمؤهلة لنجاح هكذا مشروع.... انطلق المنتدى الأدبي ذات خريف من عام1985 وكانت هيئة تحريره من الشباب الذين وُسموا آنذاك بأنهم شذّوا عن القواعد وخالفوا المألوف ...وكان هؤلاء الجذوة الأولى التي ألهبت المشاعر الأدبية , ودفعت غيرهم إلى الإقبال على الأدب والكتابة والاستمتاع ....

انطلق المنتدى الأدبي بأسماء كالشاعر الملهم موفقي السعيد والشاعر المبدع ضيف يحيى وغيرهما كالسلامي سعدي وفيطس عبدالقادر وبوشنافة حكيم والطويل أحمد والعقاب بلقاسم وغيرهم من الموهوبين الذين رسموا اللوحة الأولى في تاريخ الإبداع الأدبي لهذه البلدة...التي قد لاتذكر اليوم شيئا من هذا التاريخ...كانت تلكم الأيام تفيض إبداعا وحسًّا وهي اليوم ذكريات ..قد لا يستحضرها غير أفراد قليلين....

ظهر العدد الأول من المجلة وتلاه الثاني والثالث والرابع وكان كلّ منها يولد في خمسين نسخة , لا يكاد ثمنها يسدّ ما يصرف على طباعتها وتصويرها...ومع ذلك نجح المشروع ـ نسبيًّا ـ وكان محطَّ إعجابِ  بعضٍ ومثارَ جَدَلِ بعضٍ آخر, وكان أَشاد بها الأستاذُ أحمد ختاوي ـ مشكورًا ـ وكان ساعتها صحفيا بالإذاعة الوطنية , وأفرد لي ـ باعتباري مؤسسها ـ لقاء على الأثير...ضمن برنامجه الثقافي...وكان الحدث الثقافي الأوّل في عمر وذاكرة هذه البلدة....!!

ولأنّ الظروفَ المادية الصعبة وما واكبها من ظروف اجتماعية شلّت مشروعنا الشاب ؛ توقفتِ المجلّةُ , وانمحتْ من الذاكرة ؛ باستثناء ما تبقى في ذاكرة من نشروا فيها , أو الذين أسهموا في ظهورها وتوزيعها...وصار المنتدى الأدبي ذكرًى جميلة ًومادّةً من موادِ السَّمرِ...

بعد هذِه ِالمدّةِ التي تقارب العقودَ الثلاثة , كأنما بطيفٍ يطرق الفكر مذكّرا بالمنتدى التي أحدثت يوما حركةً أدبّيةً بريئةً غيرَ مألوفةٍ في المدينة , هذا الطّيفُ حَرَّكَ في النَّفسِ النَّوازِعَ والهَوَاجِسَ..ومنها التفكير في إعادة بعث المجلّة التي كانت عنوان الثقافة والأدبِ المحلّيِ في عصرِ الحاجةِ والعَوَزِ وقِلَّةِ الإِمكَانَاتِ وندرة النَّصير...وكان أن سألت نفسي لماذا لا ننفضُ عن منتدانا مَا عَلَاهُ من غُبَارٍ ليفتَحَ رِحابه الفسيحَة للأقلامِ المبدِعَةِ والأفكارِ الخَلاَّقةَ ِ؟

وخصوصا أن الظروف تشجّعُ على ذلك , وأهمُّ  العوامل المشجّعة العاملُ البشريُّ ممثلا في المثقفين والموهوبين والمهوسين بالحرف العربي...من جهةٍ والعامل المادّي ؛ فالشنكبوتية(01) اليوم تفتح المجالَ رحبًا بلا مَدَىً لكلِّ مُبدِعٍ...

 هَاهُوَ العَدَدُ الأوّلُ من المنتدَى الأدبيِّ يُولَدُ على فِرَاشِ النِت , محفوفًا بمبَارَكَةِ الجميعِ , عَلّه يدخِلُ نوعًا من الحياة والحركة على واقعنا الثقافي الذي سَقَطَ في مستنقعٍ عَفِنٍ ؛ جَعَل الأدباءَ والمثقَّفين يعمدون إلى الانكَِفَاءِ إلى أنفسهم , والهُرُوبِ إلى زَوَايَاهُمِ الشَّخصيَّةِ و أبراجِهِمِ العَاجِيَّةِ الإِبدَاعِيَّةِ المُظلِمَةِ ؛ مبتَعِدِين عَنِ السَّاحَةِ , بِسَبَبِ انحصَارِ الَمجَالِ الإِبدَاعِّي النظيفِ والسّليم أينَ يمكنُهُم أن يُسهِمُوا بِأَدَبِهِم وإِبدَاعَاتِهِم في تنميَّةِ الحَيَاةِ الإِنسانيَّةِ وتَرقِيَةِ الذَّوقِ الأدبيِّ العَامِ , وإِصلَاح الحالِ وتحقيقِ السَّعَادَةِ الذَّاتِيةِ والجمعيَّةِ...

إنّنا واثقون أنّ الجُهُودَ إِذَا تَظَافَرَت وَوُجِّهَت في مَسَارِهَا الصَّحِيحِ الرَّامِي إلى الإِبداعِ والتغييرِ الإيجابِيِّ يمكنُهَا أن تحقّق النَّجَاحَ النوعيَّ ليس في مجالِ الإِبدَاعِ الأدبيِّ والثقافيّ فحسب , وإنما في المَجالَاتِ الأُخرَى لِلحياة عَامَّةً...

 أيها المتصفّحُ الكريُم...

إنّ المنتدى الأدبي لا يمكن أن يعمُرَ وينجحَ , بَل ولا يمكن أن تَسْرِيَ فِيهِ الَحيَاةُ إِلاَّ إِذَا أَمَّهُ أَهْلُهُ وعَمَرُوا مَجالِسَه بِإبدَاعاَتهِم وآرَائِهِم ومَوَاقِفِهم , ونحن لا نخفيكُمْ أنَّنَا ننطَلِقُ من قَنَاعَتِنَا الشَّخصيَّةِ بِأَنَّ الأَدَبَ إِذَا لَمْ يُسْقَ بِمَاءِ القِيَمِ..جَفّتْ منابعُه وذَبُلَت ومَاتَتْ أَزَاهِيرُه و قَفَرَت حِيَاضُه , وَمعْنى ذلك أنَّ رِسَالَتَنَا الثَّقَافِيَّةَ وَالأَدَبِيَّةَ التي ترسُمُ الخطّ والمَنهَجَ الذي سَنَمْضِي عَلَيهِ واضحةُ المَعَالِمِ تتجذّر وتستند إلى مَعَالِمِ وعَنَاوِينِ الهُوُيَّةِ الجَزَائِرِيَّةِ وَهِيَ الإِسْلامُ والعُرُوبَةُ و الأمازيغيَّة...وكُلُّ هَذِهِ الأُسُسِ لا قِيمَةَ لها إذا انفَصَمَتْ عُرَاها عَنْ أَبعَادِنا الإِقليميَّةِ والتَّارِيخيَّةِ وهِيَ في مَجْمُوعِهَا تَصُبّ في رَافِدٍ مُهِمٍّ أَسَاسٍ هُو الإنسانيَّة...

إيمانُنا في هذا الِمنبَرِ الأَدَبيِّ أَنَّ البَشَرِيَّةَ التي تُعَانِي اليَوْمَ مِن وَاقِعٍ بَئِيسٍ , وَتشْكُو الظُّلمَ والتَخَلُّفَ والفَقْرَ وغِيَابَ الأَمْنِ واضطِرَاب القِيَمِ وتَيَهَانِ النُّفُوسِ ؛ إِنَّمَا بُرْؤُهَا وشِفَاؤُها مِمَّا هي فيه لا يتحقّق إِلاَّ بالعودَةِ إِلىَ نَقَاءِ وعُذْرِيَّةِ النَّفسِ البشريَّةِ , وهَذَا مَا سَعَتْ رِسَالَاتُ السَّمَاءِ إلى أن يَتَحقَّقَ...وهو الأَمَلُ المنْشُودُ الذي اكتَوَى بُحرْقَتِهِ الصَّالِحُون والخَيِّرون من بني الإنسان...ولا يذهبُ قَاصِرُ فهمٍ إِلى أنَّنا واهمون بأن مجلَّتَنَا ستغيِّرُ واقِعَنَا وحَالَ الإنسانيةِ , ولكنْ : ألسنا جزء من هذه الإنسانية وتغيير واقعنا هو جزء من مسار التصحيح والتغيير العام؟..ولعلَّ الأَدَبَ والثَّقَافَةَ اللَّذَيْنِ يَنْبُعَانِ مِن خَيْرِيَّةِ الإِنسَانِ ومُعَانَاتِه إذا تَشَبَّعَ صَاحِبُهُ بالإيمَانِ الصَّحِيحِ والعَقِيدَةِ الرَّاسِخَةِ كان أَهَمَّ أَدَاةٍ للتَّأثِير الإِيَجابِيِّ ؛ التَّأثيرِ الذي يشيع القيم النبيلة في مجتمعنا...

وفي الأخير أعود لأقول بأنّ المنتدى الأدبي منبركم الثقافي والأدبي إذا كانت هذه القناعات والمنطلقات التي سبق     

                      وأشرت إليها تمثل لديكم المرجعيّة الإبداعية...

إننا ندعو الجميع إلى أن يعينونا  بالآراء البنّاءة التي يمكنها أن تكفّ عنّا حِرَابَ الخطأ والقصورِ , ولن نألوَ  جُهْدًا في السَّعيِ الحثيثِ لبلوغِ الكمال الذي تتجسّد به غايتنا الأساس  في إرساءِ مشهدٍ ثقافيٍّ موضوعيٍّ متنوِّعٍ لا يُقْصِي الآخَرَ لنوازِعَ ذاتيّةٍ أو مذهبيَّةٍ , ولا يسعى لتكريسِ إيديولوجيَّةٍ دون أخرى, فالأدب الراقي فوق كل الايديولوجيات , ولأنّنا واثقون بأنّ التنوّعَ والتعدّدَ مَطْلَبٌ وقاعدةٌ تَأَسَّسَ عَلَيها الكونُ , ولا يمكِنُ أن تَتَحَقَّقَ بِغَيْرِهَا المَنَافِعُ البَشَرِيَّةُ الفَرْدِيَّة والجماعية على السواء...

                    نداء......

وفي الأخير أوجّه  الدعوة إلى كلّ مثقَّفٍ ومُثَقَّفَةٍ دون استثناء أو تخصيص للمبادرة والإسهام في هذا المشروع فهو مشروعكم جميعا ...

            نَجَاحُهُ فَخْرٌ لكم واستمرارُهُ وديمومتُهُ رهنُ مَسَاعِيكُم وإيمانِكُم بِه..                           

                                                                             دمتم لنا...والسلام عليكم ورحمته وبركاته

                                                               رئيس التحرير "المشرف العام الأستاذ: جيلاني ضيف

 

 

ـــــــ

الشنكبوتية : تركيب مزجي للشبكة العنكبوتية وفق قواعد النحو المعروفة.

جيلاني ضيف

12.14.2016

كاتب  ومؤلف له عدة أعمال منشورة  مهتم بالثقافة والإعلام الثقافي يعمل في الحقل التربوي..

المدير العام : المشرف على المجلة والموقع

1 / 1

Please reload

bottom of page